قلب من حديد…
وروح تضحك
رحلةاستثنائيةمنالألمإلىالأمل،ومنالمرضإلىالمسرح،ومنالضعفإلىالقوة
البداية: قلب نادر
وُلد محمد نعمة مع مرض نادر في القلب، ومنذ أن كان عمره 10 أيام فقط، بدأت رحلته الطويلة مع الحياة، رحلة خاض فيها 5 عمليات قلب مفتوح و17 عملية قسطرة حتى عمر 24 عامًا.
لم تكن تلك الأعوام سهلة، لكنها صنعت منه إنسانًا مختلفًا—صلبًا من الداخل، ولديه قدرة نادرة على تحويل الألم إلى طاقة، والضعف إلى مصدر إلهام.
النشأة: مستشفى تل هشومير
نشأ محمد كولد عربي مسلم في دولة إسرائيل، وترعرع في بيئة استثنائية داخل مستشفى "تل هشومير"، حيث اختبر منذ صغره مشاهد من التعايش الإنساني الحقيقي:
أطباء وممرضون عرب ويهود يعملون سويًا، ينقذون الأرواح دون أن يسألوا عن ديانة أو هوية.
هناك، وسط أنين المرضى وضحكات الأمل، بدأ محمد يرى العالم بعين مختلفة.
الاكتشاف: الضحك كدواء
في أصعب لحظات حياته، وبين جدران المستشفى البيضاء، اكتشف محمد سرًا عجيبًا. كان التلفزيون الصغير المعلق فوق سريره يعرض له مسلسلات كوميدية مثل "ساينفلد" و"فريندز"، وكان والده يحرص على إحضار الجرائد والكتب والسودوكو في كل زيارة.
النافذة الصغيرة
التلفزيون الصغير فوق سريره كان بمثابة نافذة على عالم الكوميديا العالمية
هدايا الأب
الجرائد والكتب والسودوكو كانت تغذي عقله وتنمي حس الفكاهة لديه
في عز الألم والخوف، بدأ محمد يدرك أن الضحك ليس مجرد تسلية، بل دواء حقيقي للروح. كان يشعر بكيف تتحسن حالته النفسية عندما يضحك، وكيف ينسى ألمه للحظات عندما يشاهد مشهدًا مضحكًا أو يقرأ نكتة ذكية.
"الضحك كان دوائي الذي لا يحتاج وصفة طبية"
ومن هنا، لم تعد الكوميديا مجرد مهرب من الواقع المؤلم، بل أصبحت رسالة حياة. بدأ محمد يؤمن بأن الضحك قادر على شفاء الأرواح المكسورة وإعطاء الأمل للقلوب اليائسة.
الموهبة: السلاح السري
منذ طفولته، عُرف محمد بقدرته الفطرية على إضحاك من حوله. لم يكن الأمر مجرد صدفة أو موهبة عابرة، بل كان لديه حس كوميدي طبيعي جعله النجم في كل مكان يذهب إليه.
في البيت
كان يحول وجبات العشاء إلى مسرح كوميدي
في المدرسة
المعلمون يضحكون رغم محاولاتهم الجدية
في الشارع
حتى الغرباء يبتسمون عند رؤيته
كان محمد يمتلك القدرة على قراءة الجو وتحليل الشخصيات، فيعرف متى وكيف يقول النكتة المناسبة. لم يكن يحتاج إلى تحضير أو تدريب، فالكوميديا كانت تتدفق منه بشكل طبيعي كالماء من النبع.
"كان يحمل معه دائمًا سلاحه السري: النكتة في الوقت المناسب، الكلمة التي تصل للقلب، والابتسامة التي تضيء الوجوه"
هذه الموهبة الفطرية لم تكن مجرد وسيلة للتسلية، بل كانت طريقته في التعامل مع الحياة وتحدياتها. كان يستخدم الفكاهة كجسر لكسر الحواجز وتقريب القلوب، وكدرع يحميه من قس وة الواقع.
المنعطف: العودة للخدمة
في سن 18، وبعد إنهاء رحلة علاجه الطويلة، اتخذ محمد قرارًا نبيلاً ومؤثرًا. بدلاً من أن يبتعد عن المستشفى الذي شهد أصعب سنوات حياته، قرر أن يعود إلى مستشفى "تل هشومير" ليقدّم خدمته المدنية في نفس المكان الذي أنقذ حياته.
رد الجميل
أراد أن يعطي للمكان الذي أعطاه الحياة، وأن يكون مصدر أمل للمرضى الآخرين كما كان غيره مصدر أمل له
أراد محمد أن يكون الشخص الذي يقول للمرضى: "أنا كنت مكانكم، وأعرف ما تشعرون به، ولكن انظروا إليّ اليوم".
وهكذا، عاد محمد إلى المستشفى ليس كمريض، بل كمتطوع يزرع الابتسامة على وجوه الأطفال المرضى، ويساعد الطاقم الطبي، ويقدم الدعم النفسي للأهالي القلقين.
الشرارة: أول عرض
أثناء خدمته المدنية، طلب منه أحد العاملين في المستشفى أن يشارك في حفل للمتطوعين. لم يكن محمد يعرف ماذا سيقدم، لكنه شعر بأنها فرصة يجب أن يغتنمها.
وقف محمد على المسرح لأول مرة في حياته، وأمامه جمهور من الأطباء والممرضين والمتطوعين، وبدأ يحكي قصته بأسلوب كوميدي ساخر. تحدث عن معاناته مع المرض، عن المواقف المضحكة التي مر بها في المستشفى، وعن كيف أنقذه الضحك من اليأس.
"أحيانًا أعظم القرارات في حياتنا تأتي من أبسط الاحتياجات"
في تلك الليلة، حدث شيء سحري. ضحك الجمهور من القلب، وتفاعلوا مع قصته بشكل لم يتوقعه. شعر محمد بقوة الكوميديا وقدرتها على لمس القلوب وتوحيد الناس.
الطريق: من المطبخ للمسرح
بعد انتهاء خدمته، وجد محمد نفسه أمام مفترق طرق. ماذا سيفعل الآن؟ لم يكن لديه شهادة جامعية أو خبرة مهنية، لكنه كان يمتلك سلاحًا قويًا: موهبته في الكوميديا.
قرر محمد أن يبدأ من الصفر. عمل في مطعم لغسل الصحون، وفي نفس الوقت كان يكتب النكت ويطور مهاراته الكوميدية. كان يعمل بجد في النهار، وفي الليل كان يقرأ ويشاهد عروض الكوميديا ويتدرب أمام المرآة.
"ومن المطبخ، دخل محمد عالم المسرح… ولم يخرج منه أبدًا."
شيئًا فشيئًا، بدأ محمد يشارك في ليالي الميكروفون المفتوح، حيث يختبر نكاته أمام جمهور حقيقي. كانت البداية صعبة، لكنه لم ييأس. كان يتعلم من أخطائه ويطور أسلوبه باستمرار.
النجاح والرسالة
جائزة كان 2018
أفضل ممثل في مهرجان كان الفرنسي
منذ 2007
عروض ستاند أب كوميدي بالعبرية
منذ 2020، بدأ يوسّع آفاقه أكثر، فصار يقدم عروضه أيضًا بالعربية والإنجليزية، ليجمع جمهورًا متنوعًا بثقافات مختلفة، لكنه موحد بالضحك.
محمد لا يرى الكوميديا مجرد وسيلة لإضحاك الناس، بل جسرًا إنسانيًا، ودواءً للأرواح، وأسلوب حياة. قصته ليست فقط عن المرض والتعافي، بل عن الحب، والتعايش، والقدرة على تحويل الألم إلى أمل.
محطات في رحلة محمد
من الطفولة إلى النجومية، قصة كفاح وإبداع
بداية الرحلة
بدأت رحلة محمد مع الحياة والعلاج
المحارب الصغير
5 عمليات قلب مفتوح و17 عملية قسطرة
العطاء والخدمة
عاد لمستشفى تل هشومير لتقديم الخدمة المدنية
أول عرض كوميدي
بدأ رحلته مع الستاند أب كوميدي بالعبرية
جائزة كان
أفضل ممثل في مهرجان كان الفرنسي
التوسع العالمي
بدأ العروض بالعربية والإنجليزية